أحيانًا، لا نحتاج إلى حدث كبير لنشعر أننا تغيّرنا.
يكفينا أن نستيقظ ذات صباح، وننظر في المرآة، فنشعر أننا لم نعد كما كنا.
لا لأن ملامحنا تغيّرت، ولكن لأن نظرتنا للحياة لم تعد كما هي.
ربما لا يلاحظ أحد هذا التغيّر… لكننا نعلم جيدًا أن هناك شيئًا تحرّك في العمق.
منذ عامٍ مضى، كنت أعيش حالة من القلق المستمر.
الخوف كان حاضرًا في كل التفاصيل:
كنت أخشى على عائلتي، على عملي، على نفسي، على الغد الذي لا أعرف ملامحه.
كل شيء بدا هشًا… حتى أنا.
ورغم أنني لم أكن وحدي، إلا أنني شعرت بوحدةٍ لا تُوصف.
ثم جاءت تلك السنة التي غيّرت كل شيء.
وجدت نفسي مدفوعة في مواجهةٍ مع ذاتي.
لا زحام، لا ضجيج، لا مُلهيات.
فقط أنا… وصوتي الداخلي، الذي ظلّ صامتًا لسنوات، بدأ يتكلم.
تغيّرت الكثير من المفاهيم.
لم أعد أركض خلف كل شيء كما كنت.
لم أعد أقاوم التغيّرات كما لو كانت عدوًا.
أدركت أن الحياة لا تسير كما نريد،
وأن هذا ليس بالضرورة أمرًا سيئًا.
اليوم، لا أزال أشعر بالخوف أحيانًا.
أخاف من المجهول، من القادم، من الأبواب التي لم تُفتح بعد.
لكن هذا الخوف لم يعد يشلّني كما كان.
صار جزءًا من الرحلة، لا عائقًا فيها.
هناك ضغط… نعم.
ومسؤوليات تتزايد… نعم.
وأيام أمرّ فيها بلا إنجاز يُذكر… نعم.
لكن، وسط كل هذا، هناك إحساس عام بالرضا، لا أعرف مصدره تحديدًا،
لكنني ممتنّة له.
ربما لأنني بدأت أتصالح مع فكرة أن الحياة لا يجب أن تكون مثالية،
وأن النجاح لا يعني أن يحدث كل شيء وفق خطتي الدقيقة،
وأن السلام لا يأتي من السيطرة، بل من القبول.
الحمد لله…
على كل اللحظات التي شعرت فيها أنني أضعف من أن أكمل… وأكملت.
على كل الأوقات التي لم أفهم فيها لماذا يحدث هذا… ثم فهمت لاحقًا.
على كل ما لم أَبلغه بعد… لكنني أؤمن أنني في الطريق إليه.
أنا لست في المكان الذي أريده تمامًا،
لكنني بالتأكيد، لست في المكان الذي كنتُ فيه.
وهذا وحده، يكفي اليوم.