فى مجتمعاتٍ نشأت على تبادل
الحكايات ونَسج الخيالات كثيراً ما تتشابه التعريفات، وتتبدل المفاهيم، وتختلط
المشاعر بالأفكار، ويرتبط الحاضر بالأساطير، وتُستباح الخصوصية بالآراء... فى تلك
المجتمعات لا فرق بين التفهُم والتعاطف والشفقة .. لا شيئ سوى ردود أفعال سطحية
مبالغ فيها، وخلل تعريفي لإثبات معتقدات أو فرض أراء أو تأكيد ذات كاذبة..
بكل بساطة يتم الدمج بين المفاهيم الثلاثة فيصيح أحدهم بتكبُر وتعالى
"أنا فاهمك وحاسس بيك" وربما يرفع محفظته ليُخرج بعض الجنيهات معتقداً
أن ما قاله وفعله هو التعاطف السحرى والحل الأبدى لكل مشكلات الآخر النفسية
والجسدية والروحية غير مبالى بما قد يسببه كذبه أو تعاطفه الزائف بمشاعِر الآخر
وبمقابل هذا التعاطف
الظاهرى الغير حقيقي، يختفى التعاطف الذى نحتاجه بحق ويندثر فى غياهب روتينيه
ساحقه، وتختفي معه كل المشاعر الطيبه التى يحيا عليها الانسان
التعاطف غريزة ومشاعر عفوية
صادرة عن إنسان مُحب بشكل حقيقي يشارك الآخر مشاعره دون قصد أو تعمد لإثبات
المشاركة، قد يمنع التعاطف الحقيقي حالات اكتئاب وإنتحار وطلاق وهروب... التعاطف
قد يخلق منتجات جديدة بالأسواق أكثر قرباً من العملاء، قد يبدأ حروباً وقد ينهيها،
قد يفعل أكثر مما يتخيله الانسان
الشفقه هى مشاعر متخفية فى
شكل التعاطف وماهى إلا تعالى وإصدار لأحكام أو حلول لا فائدة منها قد تؤدى بحياة
إنسان، أفعال تصدر من شخص يري نفسه قوياً كـ عطف على أخر ضعيف وغير قادر، عندما
يشعر الآخر بشفقتك يود لو إنقسمت الأرض شقين وإبتلعته بلعاً، وربما لا يود سوى أن
يقتُلك، فى حين أن المُشفق لايري أو يعرف ماهية مشاعر الطرف الآخر
التفهُم هو كل ما يطلبه
الانسان من المحيطين، هو إنصات للأخر و جزء من شعور بما يمر به دون مبالغة أو
محاولة لوضع حلول حمقاء لا فائدة منها، التفهم هو أمر يجيده الجميع تجاه الجميع
وليس بحاجه الى إقتراب مبالغ فيه وإقتحام لدائرة الآخر، ليس بحاجه لحُب حقيقي، هو
تفهُم للحالة العامة التى يمر بها لآخر، لذا يحتاج مجهود لتدرك ما يخالفك الرأى
وتقبله دون غضاضة، التفهم لا يتطلب رأى قاطع ثابت، وليس له علاقة بالقرارات
المصيرية ولا يترتب عليه إنهاء أى علاقة شخصية نتيجه سوء تفاهم
لتُصبح متفهماً : يفضل أن تلوذ بالصمت
أغلب الوقت ، أن تتفهم لماذا حدث ما حدث وليس فقط ماذا حدث، أن لا تتخذ موقفاً
لطرف ضد الآخر ، أن تُقدر مواقف الآخرين حتى إن لم تفهم لماذا إتخذوا مواقفهم
الغريبة، أن تكن أكثر مرونة وإحتواءاً ورفقاً بالآخر، أن تُدافع عن حق الآخر فى
إبداء رأية وتنفيذ أفكارة وإن كانت مخالفة لمعتقداتك، أن تفصل بين المواقف
والقرارات الشخصية .. التفهم هو أن نتجاوز عن زلات الآخر، أن تصبح الخلافات بلا
معنى، والخسارة غير محتملة والقلب لا يتألم بالفقد
كن متفهماً: لا تستهين أو تتجاهل مشاعر الآخر حتى لا يتجاهلك تماماً، ولا تبدى
تعاطفاً مبالغ فيه يؤدى لنفس التجاهل، لا تطلب الابتسامة من شخص حزين ولا العبوس
من أخر مبتسم، لا لا تطلب من الآخر أن يري العالم بعيونك أو يشعر بالأحداث
بمشاعرك، لا تعطى نفسك حق الحكم على أى شيئ لا يؤثر عليك بشكل شخصى
لتصبح أقرب للآخر، كن متفهماً وليس متعاطفاً أو مشفقاً عليه
تفهمك
سيمنحه الإستقرار العاطفى دون التعدى على حقه فى الشعور والوجود والإستقلال
كن
متفهماً دون شرط الفهم التام
هناك تعليق واحد:
في الحقيقة التفهم لا يجيده كل أحد فهو منتج لعقل ناضج ا إما لقرب كاف او لدراية واطلاع في النفس و الفلسفة،والتعاطف والشفقة درجات محمودة في التفاعل مع الاحداث المحيطة ،فكم مظلوم انشد شفقة وكم مغبون قد افتقد التعاطف رغم انها مشاعر باهتةوعاجزة ولكنها صدي لأنين قد يلقي أذن مؤازر أو معين ، واما الذي يتظاهر بالشفقة او التعاطف فليس منهما بشئ وانما من رجس النفوس ،،،
إرسال تعليق