الأربعاء، 8 فبراير 2012

الأديان .. فى الميزان

 
فى الميزان يوضع كل شيئ ليقاس مدى ثقله و مساواته لكتله الميزان و التى تمثل وجهه النظر الأخرى
نضع كل شيئ فى الميزان الإجتماعى ، السياسي ، التاريخي ,العلمى ، الإقتصادى ،, و نقارن أيهما أقرب لنـا , لعقولنا لقلوبنا .. لحياتنـا بأكملها , لنرى إن كانت تناسبنا حالياً .. أم لا!
   فى هذه التدوينه سنضع " الأديان " فى الميزان و نبحث فيها لنكسر القواعد المتجمده و نحرر عقولنا من سيطره رجال الدين عليها ، نضع الأديان لنعرف تاريخها و إستخدامها ،،

  لا يمكن لأمه أن تحيا بدون دين ، بدون رقيب يخضعها إخضاعاً قهرياً مطلقاً لفعل الصواب ودائما ما يرتبط بقدرات خارقه للطبيعه الانسانيه ، فأصبح الدين عاده تميز البشر عن غيرهم من المخلوقات ، لذا كان معنى الدين لغوياً أنه حال المرء كما يعنى الذل و الاستعباد أو الجزاء و سميت الشريعه بالدين لأنها تطاع و يوم القيامه بيوم الدين لأنه يوم الحساب .
إستطاعت الأديان الحفاظ على بقائها وسط كل هذا التقدم العلمى و التكنولوجى نظرا لأنها تقدم إجابات تفسر علاقه البشر بالكون ، الانسان من وإلى أين ، حقيقه العالم والوجود .. وغيرها الكثير مما لا يستطيع الإجابه عليه العقل العادى .

   الأديان فى الميزان الإجتماعى
الاديان جزء أصيل من المجتمعات سواء إن كانت أديان طبيعيه أو تشبيهيه أو متعاليه . فلابد ان تجد بداخل كل مجتمع -قديم كان أو حديث- منظومه من العقائد و الممارسات المقدسه تجبر معتنقيها على مجموعه قيم أخلاقيه ، ودئما ما تجدها موضوعه فى موضع متميز عن سائر الاشياء فهى موضع رهبه ومن المحرم المساس بها ، ومن يخرج عن هذا الإطار لابد وأن يتعرض لأحد أشكال القهر المجتمعى.
فالمجتمع يعتبر الدين قيمه مطلقه لايمكن وضع شيئ أخر فى كفه ميزانه و هو إعتقاد يهدف المجتمع لحفظه و يتوارثه عبر الاجيال ليصبح هو الأساس الراسخ ولو كان خاطئاً فى مضمونه وغالباً ما يكون غير قائم على أساس علمى ، لكنه يعمل على التصالح بين الفرد و نفسه عن طريق السمو الروحى الذى ينطلق بالانسان الى الله عند تنفيذه أوامر و نواهي إلهيه محدده ويجعل الفرد فى حاله تصالح دائم مع نفسه مما يعطيه إحساسا بالأمان و الطمأنينه النفسيه ، كما يعمل على تقويه الروابط بين أفراد المجتمع و بعضه عن طريق الشعائر و الممارسات بإختلاف أشكالها.
لكن التعليم الديني فى المجتمعات الدينيه يوجه الافراد ليعيشو فى هاجس الجنه والنار والملاحقه لكل تفاصيل حياتهم ويرصد جوانب الضعف فقط مما يشعرهم بذنوبهم دوماً فـيؤدى إلى عواقب وخيمه فى حق أطفال أبرياء و أفراد كبروا تحت هذا المنطق فأصبحو يرون فى الأديان دون غيرها سبباً لسعادتهم أو تعاستهم فى الحياه  !
أما رجال الدين فهؤلاء هم الأزمه الكبري وخاصه فى مجتمع أصبح التواصل فيه سريعا ً وتأثير رجال الدين الغير دارسين لأمور دينهم حق الدراسه أمرا أدى لإنتشار الجماعات المتطرفه و الأفراد الغير مسئولين ، فإستخدام الآيات و الأحاديث يتلون بحسب ما يريدون ، مما أدى لإنشغال البشرية بإمور تافهه عن الأمور المؤثرة كإنشغالهم بالمظاهر عن الجوهر .
بخلاف أن هؤلاء الرجال غالبا ما يكونو أداه فى يد السلطات الحاكمه ولو كانت ظالمه وتعمل على تكفير كل من يخالف التقليدي –دينياً أو علمياً أو إجتماعياً- كما حدث مع الفيلسوف أنكساجوراس الذى رفض الدين اليونانى لعدم معقوليته وتم الحكم بتكفيره مما إضطره للهرب ، وكما أتهمت أسبازيا بالخروج عن تعاليم الدين و عدم إحترام الألهه فتعرضت هذه المرأه المثقفه لأبشع التهم التى تمس العرض نتيجه حسها النقدى و أرائها الحره و غيرهم الكثيرين ممن حكم عليهم بمصادره أموالهم و ممتلكاتهم و إعدامهم لمجرد خروجهم عن المألوف حينها!
  فالدين فى جانبه الإجتماعى يُحمل الفرد مسئوليه المجتمع و يعمل على تحقيق الأمان النفسي ، رغم أن التعليم الديني يمثل خطأ فادحا فى حق الطفوله البرئيه ، لكن الويل لمن يخالف الدين القائم فقد يتعرض لأسوأ أشكال التنكيل به ،خاصه من أؤلئك الغير دارسين والمُستَخدمِين غالباً من قِبل الحكومات الظالمة.. فالميزان الإجتماعى يقف منصفاً للأديان فى النقاط الأخلاقيه و غير منصف لها فى أشكال التربية والتعليم الديني وإضطهاد الخارجين عن الدين لأى سبب.

   الأديان فى الميزان السياسي
يعتقد معتنقى الأديان بكافه أنواعها أن الدين لابد وأن يتصل بكل شئون الدوله ويستندون فى ذلك بأن المجتمع لا ينفصل فالدين مرتبط بالاقتصاد و الاجتماع و الفلسفه .. إلخ ، وبالتالى لابد من وجود دوله دينيه .. لكن التجارب العمليه أثبتت أن الأديان لا تستخدم إلا لمصلحه السلطه الحاكمه ، والسلطات الظالمة تساند الدين فى العمل على عدم تقدم المجتمع ، فمثلآ عام 1616 أصدرت المحكمة قراراً تاريخيا: إن الفكره التى تقول بأن الشمس تقف بلا حركه وسط الكون فكرة سخيفة و من الناحية الفلسفية فكرة زائفه و هرطقة لاجدال فيها ، و الفكره التى تقول بان الارض ليست مركزاً للكون بل حتى إن لها دورة يوميه زائفه من الناحية الفلسفيه و إنها على الأقل إعتقاد خاطئ! ، و هل ننسي محاكمه جاليليو لرفضه فكرة ثبات الأرض ومحاكمته لقرائته أراء كوبرنيكوس !
وحينها ليتم التخلص من النظام الفاسد تم تشكيل حقل القانون بعيداً عن النظام الكنسي الإلهى وفى إتجاه التأسيس للمشروعيه السياسيه على أساس المواطنه لا الكنيسه .
و كان هذا التحول فى كل محاورة مرتبطاً بتأكيد سلطه الإنسان "العقل الخالص هو الأساس " ومن ثم تراجعت الفاعلية اللاهوتية لصالح الفاعليه الإنسانية.
وفى تكوين الدول خاصة التى تقوم على أساس دينى يكون الأفراد المخالفين لهذا الدين الشعبي مضطهدين للدرجه التى تولد الكراهية بالمجتمع وأحيانا تصل به إلى حروب أهلية فيصبح الدين عامل تقسيم لا إتفاق ، ويظهر أمثال بن لادن لينفذو مخططات سياسيه تحت ستائر دينيه بكثره .
كما تقوم الكثير من الحروب بين الدول تحت ستار الدين كما حدث فى الحروب الصليبيه والصراع العربي الاسرائيلي .. و غيرها الكثـيـــــر ،،!!
  فالسلطات السياسيه تلتزم فكر ديني معين لتكٌفِر به مخالفيها سياسياً وتضطهدهم ، والاديان تستخدم السلطه للوصول للمال ، و السياسيون يستخدمون الدين لإرهاب أعدائهم ، و تقوم أغلب الحروب الأهليه أو السياسه تحت ستائر دينيه عديده .. فالميزان السياسي غير منصف أبداً للأديان .
     الأديان فى الميزان التاريخي
ربما من الصعب تحديد جدول زمنى تاريخي للأديان مثل العلوم بحكم طبيعتها الغير ملموسة والتى قد تتجاوز العقل وأيضاً بحكم أنه عدد لامحدود من الديانات ، لكن المتفق عليه أن للإديان تاريخ طويــل سُجِلَ بدءاً من خمسه ألالاف عام إعتمدت في تطورها على تطور العقل الإنسانى .
خمسه ألالاف عام من تطور الاديان ما بين الشرك والتوحيد والوثنيه والطبيعه ، العبادات والممارسات ، الديانات الطبيعيه والتشبيهيه والمتعاليه ... تاريخ طويل يمتد به عدد كبير من الديانات التى تنكر كلاً منهم الأخرى ، منها ما يعتمد على وجود إله ومنها من لايؤمن بذلك .. لكنها عملت جميعاً على تخدير ضمائر البشر وملأ عقولهم بأوهام خداعة وجعلهم متعصبين ميالين إلى تصديق الخرافات ومشحونين بالبغض والكراهية ضد بعضهم ، وقد أثبت التاريخ فى الماضى والحاضر ذلك .
لقد مرت الآديان بمراحل عديده فبدأت بالديانات الطبيعيه و داخلها نفسها يحدث التطور من عباده الطواطم و الحيوانات و الأرواح الى عباده مظاهر الطبيعة وساعد عدم فهم الانسان الأول للظواهر الكونية وخوفه من المجهول على إعتناق هذه الأديان الغير متكاملة ، ثم تطورت إلى الديانات التشبيهيه و قيس فيها طبيعة الإله بالطبيعة البشرية ، ثم تطور الوعى ليصل إلى أديان التعالى وداخل هذه الأديان نفسها يرتقي الوعى من التوحيد غير الخالص الى التوحيد الخالص ومن الإله القومى إلى الإله الأعلى ومن النهائي إلى اللانهائي .
وقد مرت الاديان على مستوى التاريخ بمراحل إزدهار ومراحل إنتكاسه عديده ، ففى مراحل الانتكاسه لايحتاج البشر لدين جديد لكنهم يحتاجون إلى قراءه جديده للأديان الموجوده تخلصه من العناصر الوضعيه فيه .
  إذن تحول الوعى الانسانى بالديانات من التصور الطبيعي الى التصور الانساني الى أديان التعالى ، فالتطور كان تدريجيا من الكثرة إلى الوحده ولا أحد يعلم ما سيصل له العقل البشري المتطور بعد ألالاف السنين.
  ومن هنا فإن الحجه التاريخيه تقف شاهداً على ضرورة تأويل النصوص الدينيه بما يتفق مع العقل من جهه ولا يصطدم بتصورات الجماهير من جهه أخرى لآن هذا الإصطدام قد يؤدى إلى أخطار تفوق بكثير أخطار بقائها .
    الأديان فى الميزان العلمى
تأخذ الأديان مواقف عديده تخص القضايا العلميه فتاره مع العلم و تاره ضده ، وفى الحالتين يكون الدين مستفيداً .. وغالبا ما يرتبط هذا الموقف بالموقف السياسي للدوله وموقفها من العلوم والعلماء ، فمثال قرار المحكمه بأن الشمس ليست ثابته والارض ليست متحركه لم يكن موقف دين وسياسه فقط بل كان حائطاً أمام العلم ليوقف مسيره المفكرين بأمر من الكنيسه ، كما كانت الحرب الكنيسيه ضد جاليليو أيضاً ، فالأديان فى ظاهرها تشجع العلوم .. لكن حقيقه الأمر تختلف عن ذلك فـ دائماً ما يقف الدين موقف المستفيد أياً كانت نتائج الأبحاث ، فيفسر نصوصه على أساسها وإذا لم يستطع يرفضها كليتاً ولو كانت نظريات موثوق بها و تدرس عالمياً كنظريه التطور لداروين مثلاً ، تلك النظريه التى يرفضها المسلمين تماماً بحجة أنها لا تتفق مع إسطورة "حوا وآدم" ومن يتفق معها يكون دليله أن الله قد تحدث عن أدم بعدما وصل إلى مرحله معينه مما فرضتها نظريه داروين ، كما تفعل كل الأديان ذلك ، تحارب كل نظريه جديده و عند ثباتها يظهر من يحاول التوفيق بينها و بين الأديان ، أى أن الأديان بها من البراح ما يكفى لتتشكل بشكل المجتمع و الزمن الموجوده فيه و خاصه كما ذكرنا فى الفقره السابقه أنها تتطور مع الزمن .
لا أحد يعلم سبب الإختلاف الدائم بين الأديان و العلم ولكن ربما كان هذا الإختلاف خوفاً من الأديان على إمكانيه بقائها وسط هذا التطور العلمى الهائل الذى جعل "ثمنمائه و خمسون مليونا" من الشعوب حول العالم لا يثقون ولا يعتنقون أى دين .
  فالميزان العلمى غير منصف للأديان رغم محاولات التوفيق بينهما ، فالعلم يعتبر الأديان مستغله له ، والأديان تعتبر العلم سنداً لها فى بعض الأحيان .

   الأديان فى الميزان الإقتصادى
تؤثر الأديان على سلوك البشر و بالتالى تؤثر على نشاطاتهم العامه وأهمها النشاط الإقتصادى فالنظام الإسلامى مثلا يعتمد على الزكاه و الصدقات فى إعاده توزيع الدخل بعكس الأنظمه الغير إسلاميه و التى تعتمد فى ذلك على الضرائب التصاعديه ، ديانه الشعب تساهم فى شكل حالته الإقتصاديه حيث وجِد أن الشعوب المتدينه لاتبالى بالفقر و تعتبره بلاءاً من الله ليخفف من معاصيها و بالتالى لا تعمل على الخلاص منه فيزداد الفقر و المرض والفساد وهذا ما يعتمد عليه الحكام فى الدول الناميه ،
وفى الدول البتروليه يزداد إعتماد حكامها على الدين للتحكم فى الشعوب وما تحمله أراضيها من بترول وفير ، وتكون الأديان أو الإضطهاد الديني سبباً ظاهرياً لإعلان الحرب على دول البترول .
وعلى النقيض فكلما يرتفع المستوى الإقتصادى لشعب دوله ما كلما تزداد نسبه الملحدين فيه بالتوازى مع زياده المتعلمين .
  فالميزان الإقتصادى أيضاً غير منصف للأديان و يعتبرها سبباً لتدهور الإقتصاد .
  الأديان فى الميزان المصري
مصر دوله غنيه بالأديان من قديم الأزل حيث كانت الديانات المصريه القديمه منتشره من عصر ما قبل الأسرات فكان لكل محافظه إله ولكل شيئ إله -فأحدهم للخير وأخر للشر .. إلخ- وقد بنيت المعابد ومورست الشعائر وسجل ذلك على جدران المعابد وذلك طوال العصر البطلمى والرومانى حيث إحترم ملوك هذه الفترات الديانات المصريه القديمه ، حتى وصلت الديانات الإبراهيميه إلى مصر ، وإزداد عدد اليهود المقيمين بمصر رغم نهى التوراه لذلك فى عهد إرميا وذلك أثناء حكم الملك إبريس أحد ملوك الآسره 26 الفرعونيه مروراً بالعصر البطلمى والرومانى متوازياً مع الديانات المصريه القديمه وبدأ محو الجاليه اليهوديه بمصر عندما قضى جيش تراجان على إنتفاضه اليهود 117 م فى مذبحه ذهب ضحيتها خمسون ألف يهودي،وبدأت أعداد اليهود بالإنخفاض مع  إنتشار الديانه المسيحيه فى القرن الأول الميلادى التى أعلنت العدوانيه والتحقير والتكفير للأديان المصرية القديمة وكان مقتل هيباتيا على يد المسيحين مثالاً لهذا التعصب ، ومع دخول العرب إلى مصر وفتح عمرو بن العاص بجيوشه الإسلاميه تحول معظم المصريين إلى الإسلام وقل عدد المصريين اليهود بعد هجرة معظمهم إلى إسرائيل خاصه فى عهد جمال عبد الناصر فيما بقي بعضهم على الديانه المسيحيه .
والآن إختفت الديانات المصريه القديمه تماماً ، وأصبح عدد اليهود لايزيد عن 200 شخص بعد أن كانو 988 ألف نسمه عام 1948 ، و أصبحت الديانة المسيحيه تمثل حوالى 6 بالمئه فقط من المصريين وحوالى 92 بالمئه منهم هم من المسلمون السنه ، وباقى الطوائف الإسلاميه مثلت إثنان بالمئه فقط من عدد السكان ، أما الديانات الجديده كالبهائيه فيعتنقها حوالى ألفى شخص فى مصر ، كما بدء الملحدون و اللاأدريون فى الإعلان عن أنفسهم كرافضن لكل هذه الديانات .
الميزان المصري حمل الكثير من الديانات و الصراعات خلال التاريخ ، واليوم الصراع الأساسي يقع بين المسلمين والمسيحين فقط رغم ظهور البهائيين و الملحدين على الخارطة الدينية لمصر ،،


ليست هناك تعليقات:

Translate

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...