السبت، 10 ديسمبر 2016

أبناء المطلقين...

أبناء المطلقين ، وصم العار الذى يصف أطفال أبرياء ،أبرياء من سبب وجودهم، من قرار أبائهم بالإنجاب، من قرارهم بالإنفصال، أبرياء من كافة قرارات والديهم...
قرابة الـ 200 ألف حاله طلاق سنوياً لا يدفع ثمنها إلا الأبناء...
بخطوة واحدة للخلف تجد أن كل أب و أم قد إتخذا قرار الزواج بكامل إرادتهما وبكل الحب و الأريحية، وكذلك قرار الطلاق يتم إتخاذه بعد صراعات بين كلاً منهما و نفسه وكلاً منهما و الآخر والمجتمع و أشياء أخرى، لكن يظل قرار الإنفصال الحل الأنسب من وجه نظر الطرفين و بالتالى يتم تنفيذه بأريحيه دون إعتبار لمشاعر الآبناء، فمع كل طلاق يتخلص كلا الطرفين من بعض المسئوليات التى تُشعره براحه ما ولا يدرى أن عناء تلك المسئوليات ينتقل لا إرادياً للأبناء

مشاعر أبناء المطلقين

دائماً ما تتضارب المشاعر لدى هذا الطفل ، و تستمر تلك المشاعر المتضاربة إلى أن يشيخ، فتؤثر دون إرادة منه على حياته وكافة علاقاته

  • هذا الوليد لا يشعُر بالأمان مطلقاً، وإن سنحت له الفرصة ليجد شريك صالح لحياته (صديق او زوج) يظل خائفاً متوتراً لا يري الأمان الكامل فى أياً من علاقاته، لا يشعر بالأمان الكافى للإستمراريه أو حتى ما يكفي لتهدئه روحة المُضطربة
  • إبن المُطلقين لا يشعر بالثقه الكاملة تجاه أى شخص أو شيئ، فالثقه فى قاموسه لا تعنى أكثر من الإستسلام لواقع مجهول، أو أنها وسيلة الأخر لإستغلاله والسيطرة عليه
  • دائما ما يشعر أبناء المُطلقون بالتشتت العاطفى، فهم ضحيه الفراغ العاطفى فى ظل صراع الأباء ، ولايعلق بذاكرتهم إلا المشكلات العنيفة وأحاديث كل طرف عن سوءات الآخر، فيبحث الإبن عن حنان الأبوين دون أن يجده داخل أسرته فيضطر لاإرادياً بالبحث عنه خارجها، ولأنه يفتقد للثقه و الأمان فى تعاملاته يقع ضحيه التشتت العاطفى
  • التذبذب الفكرى من أكثر المشكلات التى يُعانى منها أبناء المطلقين، فالوحدة الدائمه التى يشعرون بها رغم تواجدهم بين أفراد العائلة تجعلهم يتخذون الكثير من القرارات الفرديه وكثيراً منها خاطئة نظراً لقله الخبرات، وعليه يُصبح مشتتاً بشده
  • من سوء حظ أبناء المطلقين أنهم يكونون ضحية أباء غير مسئولين، مما يؤثر عليهم سلبياً فى الدراسة والعمل وما الى ذلك، فإنعدام مسئولية الآباء تولد فى الآبناء إنعدام مسئولية من نوع أخر 
  • أبناء المُطلقين يحتفظون بداخلهم بالكثيـــر من المشاعر السلبيه تجاه الجميع، لقد نشأوا فى ظل ظروف تعرض مساوئ الوالدين (أقرب الأقربين) فماذا نعتقد من باقى البشر فى ظل أن نفس الظروف تعرض بعض مساوئ الاخرين؟
  • الوحدة بين الآلآف البشر هى الصديق الوفى الوحيد لأبناء المطلقين، هم لا يؤمنون بشيئ بقدر ما يؤمنون بالعزل، غالباً ما يحاولون تحديها بخلق الكثير من المعارف، لكنهم يقدرون الوحدة بشدة لأنهم يعلمون جيداً أنها المصير المنتظر مهما كانت الأحداث الحاليه
  • الفشل هو الشعور الملازم لأبناء المطلقين ، ف فشل ذويهم فى الحفاظ على الاسرة و هى ابسط الاشياء يجعلهم يرون أن الانسان كائن فاشل بغض النظر عن ما حققة من إنجازات، كما أن فشل المحيطين فى تشجيعه والاهتمام به يجعله لا يري الا الفشل مصيراً محتوماً
  • اللامبالاه هى مصير كل أبناء المطلقين ، حيث لا شيئ ذو أهمية بالنسبة لهم بعد فقدان والديهم أحياء ، وخاصة فى العلاقات الإجتماعية ، فجيمعهم لا يبالى إن فقد صديق أو زوج أو عمل أو درجات دراسيه أو أو ...

طلاق أبناء المطلقين

يري الزوجين أن الطلاق صفقه يجب أن يخرج كلاهما منها بأكثر ربحية مادية ومعنوية ممكن، و لا يخسر فى ذلك سوى الابناء، فعندما يحدث ذلك يكون أشبه بطلاق الزوجان للإبن، ويصبح الضحية وقود لمحرقة الأحداث، فـ إما أن: 
  • يبحث الأبوين عن سُبل التخلص من مسئولية الآبناء تماماً بالشكل الذى يوفر لهما حياه مستقبليه خاليه من المشكلات والمسئوليات لينشغل كلاهما بزواج جديد بعيداً عن الآبناء
  • أو أن يتصارع الطرفين على الآبناء ويتخذهم كل طرف كوسيلة  لعقاب الطرف الأخر
  • أو أن يظل الآبناء فى صراع بين شد وجذب ، إهمال شديد أو قسوة شديدة
أيا كان شكل الصراع يشعر الإبن أنه قد تعرض للطلاق من أمه وأبيه سوياً، يحمل فى قلبه بعض الضغينة ويتسائل ألالاف الأسئلة دون إجابة، و يعلم إجابات الالاف الأسئلة دون أن يسألها أحدهم و دون أن يتخيل أحدهم أن كل ذاك قد دار برأسة الصغير 
ويفضل الأبوين فى استقطاب الصغير لانه يري كلاهما مخطئاً رغم تبريرات كل طرف و إظهار نفسه على أنه ضحية الآخر 
ذلك الضغط المبالغ فيه يُشعِر الإبن مهما كان عمرة أنه قد فقط الدفء والامان والسكينه والاستقرار والراحة والحب الى الابد ، بالفعل لقد فقدا إمكانيه رؤية أبواهما سوياً للأبد ..
ومع هذا الفقد المبالغ فيه كثيراً ما يرفض الإبن إعادة زواج أبويه، لأنه على صغر سنه لا يُصدق كيف يمكن لطرفي صراع إعادة التجربة، و يرفض تماماً أن يعيش كواليسها وحده من جديد

أبناء المطلقين والمجتمع

دائما ما ينظر الأخرون للأبناء نظرة شفقة تجعلهم يتمنون لو إنشقت الأرض و إبتلعتهم، وبالطبع لا ننتظر الكثير من أبناء هم فى عيون المجتمع مجرد ضحايا 
وينقسم المجتمع المحيط إلى فئتين، واحده تدعم الآب و الآخرى تدعم الام، ولا يُشترط أن تكون الجهه الداعمه هى العائله، بل تتدخل أطراف كثيرة جدا ليس لها علاقة بالآمر ويظل هذا الامر غير مفهوم للابناء 
و تنهال الأسئلة على الابناء من نوعيه (أيهما تُحب أكثر بابا أم ماما) كأنه قد فُرض علي الابن أن يتخذ أول قراراته المصيرية بإختيار أحد الطرفين لإستكمال الحياة معه فقط وإهمال الأخر، فلا يكفى أن يري الابن أبواه يسيران فى إتجاهات متناقضه، بل لا بد أن يتخذ أحدهم عدواً
و من لم يفعل ذلك -يا ويله- ينظر أبناء المجتمع للإبن وكأنه قد إقترف جريمة عند إختياره أياً من الطرفين، ويظل يحاسبه دائماً و أبداً على إختياراته
أما عن نظرة المجتمع للأم المطلقة فهى نظرة كفيله بإحتقار أى إبن لأمه مهما كانت الأسباب و الدوافع و النتائج و هو ما يؤثر عليه فى كل أفعاله فيما بعد 

مصير أبناء المطلقين

يختلف تأثر كل إبن حسب ظروف الإنفصال والاكثر تأثراً فى ذلك هم الابناء فى مرحله المراهقه، وعلى كل حال كل الأحداث المحيطة تؤثر فى الابناء أياً كانت أعمارهم دون شعورمنهم و دون إنتباه الأباه، تؤثر تأثيراً عميقاً يتعدى ما يظهر على السطح
وتكن الكارثة فى حاله أن هذا الإبن لا يُعتد برأيه، أو يتم ظلمه ظُلم مباشر بشكل من الأشكال، فيبدأ بالتعبير عن غضبه بصورمختلفه مثل: 
  • مشكلات الانتماء: يري الابن أن لا مكان له بين أفراد هذه الأسرة، لا أحد يهتم به أو يستمع إليه، وبعد فتره يشعر أنه لا ينتمى إلى أى مكان ولا يريد ان ينتمنى لتلك الاسره، بل و يحملهم سبب وجوده ويلومهم على ذلك
  • الانطوائية والعدائيه : انهما الصفات الأكثر ملازمه لأبناء المطلقين، يتحول الابن الى إنطوائي كارهاً لوجود اخرين يشاركونه حياته لانه لا يري فائده منهم، و تكن العدائية سلاحة الامثل لكى لا يقترب منه أحد أو يأذيه
  • إضرابات النوم اللعينة: حيث تُسيطر الأحلام الكبيسة على نومهم لدرجة أن تمر أيام دون أن يغفلوا لكى لا يُشاهدون الكوابيس فى أحلامهم
  • الخوف المرضى والقلق و الاكتئاب والفُصام والتوحد والوساوس بأنواعها: غالباً ما يُصاب الابن بواحد أو أكثر من تلك الأمراض ويتم إكتشافها فىالكثير من الحالات، ولآن العلاج دائما ما يرتبط بالبيئه المحيطة فلا يحصلون على العلاج المناسب فى أغلب الاحيان
  • بعض الأبناء يتعرضون لمشكلات نفسيه تظهر فى أشكال عده مثل : الافراط فى تناول الطعام، التبول اللاإرادى
  • البحث عن اللذات : أبناء المطلقين يفتقدون سبل المتعه فى الغالب فيبدأون بالبحث عن اللذات خارج المنزل الكئيب حتى لو كانت لذات وقتيه مما يُعرضهم للمشكلات
  • تعاطى المخدرات: الكثير من الابناء يبحث عن المخدرات و يتعاطاها بدافع الهرب من الواقع و بكامل إرادته الى أن يصير مدمناً لها، فيعتبرها ملجأه الوحيد من قسوة الحياة
  • الزواج العرفي: إذا كان الابن كبيرا بما يكفي يقوم بالزواج بحثاً عن الحب والدفء و الإحتواء و رغبه منه فى عدم الالتزام بمسئوليات الزواج التقليدي
  • رغبة الهروب: كثيراً ما يبحث الابن عن الوسيلة التى يهرب بها من كل شيئ محيط به ، كأن يتهرب من الدراسة، يتهرب من المنزل و يبحث عن سكن منفصل .. دائماً ما تُطارده رغبه الهروب طوال الوقت 

وأخيراً

ألام الطلاق أشد قسوة على الابناء من الاباء وتستمر معهم طوال مده حياتهم،،، أتمنى من كل من يقراً هذا المقال أن يشعُر بكل كلمة لكونها ناتجة عن مرارة التجربة على ارض الواقع، ولو أن الواقع دائما ما يكون أكثر مرارة مما يمكن التعبير عنه بالكتابة أو غيرها .. 
رجاءاً، كونوا أقل قسوة على هؤلاء الابناء، تفهموا مواقفهم المبينيه على ماضى مختف عن الماضى الذى تبنى عليه قراراتك، قوموا بتعويضهم عن ما مروا به وأثر فيهم دون إراده منهم، سامحوهم فهم لا يُعَبِرون سوى عن مرارة ما بداخلهم 

ليست هناك تعليقات:

Translate

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...