مُجبرون .. إنه الوصف الأمثلل لحياتنا فى هذا
الوطن، نحن من يَمرون بالعشرينات من عمرهم
بدأت حياتنا بالإجبار ، فمن أكثر من عشرون
عاماً أجبرنا شاب وفتاه فى مقتبل عمرهم يملكون من الآمل الكثير على الوصول إلى أرض
ملئية بالظلم والكراهيه والفساد دون أى إرادة مننا لمجرد إشباع رغباتهم النفسية
والجنسية و وضعنا كفرد جديد ضمن صورة رائعة حفرت فى عقولهم فقط دون أن يعتقدو بأن
مستقبلهم الباهر الذى يعدونه هو حاضرنا السخيف
*مجبرون على التعليم العقيم
أجبرونا على الإلتحاق بإحدى المدارس
التقليدية لنمر بمراحلها الثلاث ذات المناهج العقيمة التى لا تعرف طريقاً للإبتكار
والإبداع وإعمال العقل، تعلمنا فيها كل التناقضات فقالو لنا أن الصغير يحترم
الكبير والكبير يعطف على الصغير وها نحن لا نحترم معلمينا اللذين لا يعاملنا سوى
بالعنف أو باللين للحصول على أى جرعة إضافية من المال بطرق مشروعة أو غير مشروعة
فأجبرونا على دروس خصوصية نحفظ من خلالها
بضعة كلمات متكررة لننساها بعد دقائق من الإمتحان ، فهو معلم غالباً ما وصل لمنصبة
عن طريق التعيين أو الوساطة دون إختبار يقاس به مدى تأهله لآن يصبح معلماً لآجيال
كرهت التعليم بسببه فهو لم يحصل على أى دورة تدريبية تؤهله نفسياً وتربوياً لتنقله
من تعليم سيئ حصل عليه لتعليم أسوأ يطبقه علينا بألفاظه وعصاه داخل الفصل الذى
تكدس بنا حتى إختنقنا وتوقفت عقولنا ولم تظهر سوى كراهيتنا للمدرسة والمعلم والفصل
والتعليم ، فكيف لايكون وهو لا يتقاضى حد
كفافه ، فهو أيضاً يكره المدرسة بنظامه وروتينها الذى أصبح جزءاً منه يطبقه دون أن
يشعر
وإذا ما إعترضنا على إجبارك هذا علينا أن
نلجأ للمدارس القومية التى لاتقبل غير قله من المتوفقين وأصحاب الوسائط أو المدارس
الخاصة الغير أفضل حالآ من العامة وإن كانت أفضل فلا تتمل تكاليفها أسره تتقاضى
الحد الأدنى من الدخل مضروبا فى عشره ..
*مجبرون على المرض
ففى وطننا العزيز الذى لا يمتلك مراتب عالمية
سوى فى مدى انتشار الأمراض المتوطنة والمزمنة لا نجد انساناً لا يعانى من مرض ما ،
فبغض النظر عن الضغط والسكر اللذان توطنا فى شبابنا استطعنا الحصول على المرتبة
الآولى عالمياً فى معدلات الاصابة بالإلتهاب الكبدى الوبائي وذات مراتب متقدمة فى
الفشل الكلوى والكبد والتيفود والسرطان وغيرها
لقد أجبرونا على المرض بفسادهم وسرقتهم ، فلو لم يسرقون وينهبون لما أُصبنا بتلك الامراض من البداية
لقد أجبرونا على المرض بفسادهم وسرقتهم ، فلو لم يسرقون وينهبون لما أُصبنا بتلك الامراض من البداية
وحين
نصاب وينقلنا القدر حتى لو بسبب حادث عابر لآحد مستشفياتهم العامة التى يسرقونها
أيضاً فإننا نصاب بإنهيار عصبي جراء ما نراه ، بدءاً بإجراءات وشروط دخول المستشفى
فبعضها لا تقبل مرضاها لقلة الإمكانيات أو لصعوبة الحالة وبعضها يقبلهم كنزلاء يوم
واحد حتى وإن إحتاجو لآكثر من ذلك ،
مروراً بعدم النظافة وإنتشار الحشرات والإهمال والكشف على عشرات المرضى فى
وقت واحد ، و وصولاً لعدم توفر الأجهزة والمعدات فى غرف العمليات أو تعطل أجزاء
منها فى حال وجودها !
لقد أجبرونا على أن ننسي دور الدولة وحقنا فى
العلاج على نفقتها ، فالعلاج على نقفة دولتنا العزيزة يقتصر على فئات معينه نتيجة
فسادهم الإدارى ويمكن ان تنتهى حياتنا قبل أن نحصل على مواقفة الدولة وتصريحها
بدخول المستشفى ، ذلك لآنه يُعطى بالواسطة أولا وللميسورين ثانياً ، وإذا توجهنا
لمستشفي مثل عين شمس التخصصى تقوم برفضنا غالباً لآن الدولة لم تسدد مديونياتها
السابقة
فنصبح مُجبريين.. إما ألا نمرض "وهو ما
نُجبر عليه" أو أن نتعايش مع أمراضنا لعدم قدرتنا المادية على العلاج المكلف
والمسستورد والمقام من خلاله بيزنس عظيم يستغل مرضنا وحوجنا .. أو نموت
*مجبرون على الموت دهساً
فحين تحملنا لأقدامنا ونبدأ الخروج من
الدائرة المغلقة التى أجبرنا عليها بحثاً عن الرزق او العلم أو أيا ما كان فى
دائرة أخرى نُجبر على استخدام وسائل نقل وطرق غير مؤهله لحمل البشر، فبلادى تملك
واحدة من أعلى معدلات حوادث المرور بالعالم بسبب إهمالهم وعدم صيانتهم وترخيصهم
لمركبات عفى عليها الزمن
فإذا أُجبرنا على ركوب القطار لابد ان نتمتم
بالشهادة قبل تحركة فلا أحد يضمن أن لا يتم دهسي تحت عجلاته ، كما لا أحد يضمن
حياه أطفال عائدين من المدرسة يصطدم القطار بأتوبيسهم ، وإذا استقلينا مترو
الآنقاق لآنه الوسيلة الأأمن والآسرع كما أقنعونا نجد عماله مُضربين أو أنه معطل
بسبب تهالك الشبكة الهوائية أو حدث حادث واصطدمت قطاراته ببعضها البعض
وعن أتوبيس النقل العام الذى لا أجد لنفسي
مكاناً فيه حتى ولو على درجات سلمه دون أن يلامس جسدى أجساداً أخرى فإذا استقليته
أجبرت على أن تموت كرامتى وكبريائى ، وإذا حدث واستطعنا شراء سيارة ملاكى أوحتى
أجرة للعمل عليها فإننا نواجه أزمة وقود متعمدة فنُجبر على شرائه من السوق السوداء
وغالباً ما يكون مغشوشاً فيُضر بالسيارة وإذا كان سليماً فإننا نتعرض للبلطجة
والتثبيت والسرقة بالإكره وربما القتل
*مُجبرون على الجوع
فرغيف العيش الذى قُتل بحثاً دون جدوى لا
يستفيد منه سوى من لايستحق لنُسحق نحن فى طوابير ليس لها اخر من أجل خبز لايصلح
للإستخدام الآدمى وإذا حصلنا عليه وأردنا شراء قطعة لحم مدعمة السعر "أو غير
مدعمة" وجدناها فاسدة
وعند شرائنا للفول والطعمية (الآكل الرسمى
للشعب المصري) وجدناه ملئ بالحشرات نتيجة قله النظافة والرقابة فنقرر صنع الطعام
بمنازلنا فلا نجد أنبوبة الغاز إلا مع الباعة الجائلين "المطحونين"
بعشرة أضعاف ثمنها فلا نستطيه شرائها ونُسحل فى طابور جديد يُزهق فيه شبابنا وعندما
نحصل عليها ونبحث عن الخُضر نجد أسعارها قد سبقتنا وارتفعت فنبحث عن أقلها جوده
وسعراً وتُصبح "الطماطم المفعصة" سيدة الموقف فنرضى بها لتطل علينا ماء
الصنبور بتلوثها
فنُجبر على أن نشربها أو نموت عطشاً ، نأكل
الطماطم المفعصة أو نموت جوعاً .. أو.. ندفع مالاً إضافيا ليس فى حوزتنا
* مُجبرون على البطالة
فكيف يمكن لنا ان نجد عملاً فى ظل تعليم
جامعى قائم على التاريخ بدلاً من المستقبل يلتحق به 70% من طلاب الثانوية العامة
"الحافظين" أو تعليم فنى قائم على التاريخ ايضاً رغم حاجته للمستقبل
لايتم تحديثه بالشكل الذى يطلبه سوق عمل شرس قائم على شركات كبري غالباً ما تكون
متعديه الجنسيات أو تابعه لشركة كبري أو على الآقل مستفيدة منها فتتطلب مهارات لم
يتعلمها أحدنا يوماً دون أن يحصل عليها من خارج المنظومة الرسمية وداخل المنظومة
الرأسملية فيُصبح تعلم المهارات بزنس من أجل البزنس فندفع المال والوقت مقابل
المهارة
فى حين ان سوق العمل المحدود يقتل اى مهارات
متاحه ويقتل الفكر والإبداع والقدرة على العمل وتطوير الذات والتعلم والاضافه فقط
ليأخذ مننا طاقتنا ويقتلها لتُصبح عقولنا صدأه كالحديد ونُصبح جزءاً من المنظومة
الروتينية السخيفة كلما تقادمنا فيها كلما زادت عقولنا صدءاً وقلت فرصنا فى النجاح
نحن فى الاساس مُجبرين على ألا نعرف طريق
النجاح ، فهو طريق محصور فى بلادى على من يدخلونه واسطه أو صدفه أو مستخدماً
مهارات إكتسبها بمال أحدهم
* مُجبرون على التدين
فبلادى رغم شذوذها الفكرى وإزدواجيتها يكره
البشر فيها الحقائق المباشرة ويختفون تحت شعارات كاذبه واهية وخادعة ومظاهر كل من
يخرج منها يعتبرونه فاسد شاذ أو لامنتمى للجماعه
فنُجبر على إتباع مظاهرهم الذين يعتقدونها
اساس الدين وما هى بالدين من شيئ فى الغالب ، نُجبر على إرتداء حجاب رغم كونه ليس
فرضاً ونُجبر على صلاة الجماعه حتى وإن كننا نمارس الرزيلة ، نجبر على الصيام أمامهم
وإن كننا نتناول كل ما نريده فى الخفاء ، نُجبر على ارتداء النقاب وإن كان ستاراً
للكثير مما خفى ... نُجبر على كل أشكال التدين فقط لنرضيهم دون أن يدخل الدين
لقلوبنا وأرواحنا..
نُجبر على ان نكون ضمن قطيع الذى يُمثل الخير
فى نظرهم وإلا نصبح أشراراً ، نمنع من إبداء الرأى أو حتى التفكير فى أبسط المسائل ، نجبر على أن نُصدق أن الإنسان مخير ليس مسير
وأن الكون قد خُلق من أجله وووو.. ويكون إجبارنا فقط لإرضائهم متناسيين ان الباحث
عن الله يجده فى أفعالهم وليس أقوالهم
* مُجبرون على الوحدة
ففى بلادى يكره البشر أنفسهم ، يكرهون أسلوب
حياتهم ، وظائفهم المُجبريين عليها ، طعامهم وشرابهم الذن لايجدون سواهم ، يكرهون
مرضهم وفقرهم وعجزهم ، دائما ما يكرهون أنفسهم أيضاً .. فى الحقيقه هم مجبرين على
كراهيه كل شيئ فيصعُب عليهم إيجاد أنفسهم وسط هذا الكم من الكراهيه والصراع والبغض
.. هم لا يجدون نصفهم الآول فى الآساس كى يبحثون عن نصفهم الآخر
وإذا توهمنا أننا قد وجدناه "وإن حدث
بالفعل " فسرعان ما تدور الآحداث لتُثبت أننا جيل فاشل ضائع فى تلك لحياة
اللعينة ، فتزداد كراهيتنا لانفسنا وللنصف الثانى والآول ونظل مجبريين على الوحدة
وإذا دفعت الظروف البشر فى بلادى على ألا
يُصبحو وحيدين فى الحياة فإنها تدفع بهم لإقامة علاقات مجتمعية تثبت فشلها مع
الوقت تحت شعار الزواج ليحتمون به من نظرات الآخريين وتساؤلاتهم ويُخفون به
خيباتهم الآخرى .. حتى وإن ظلو فى داخلهم مُجبريين على الوحدة
أو على الآقل نقوم بإخفاء خيباتنا أمام
أنفسنا وإخفاء وحدتنا بعلاقات صداقة عادة ما تكون عابرة بعبور المواقف والآحداث
لآنها إن لم تكن كذلك تُصبح مؤلمة .. ونعود مُجبريين على الوحدة
* مُجبرون على التوقف
فللإستمرارية أسس ودوافع ، تتطلب الكثير من
الدعم المادى والنفسي والتقنى كلاً بحسب نوعه ، وهو مالا يتوفر عند الكثير من
جيلنا الذى يتملكه الاحباط بعد كل محاولة يبذ فيها قصارى جهده ، فكل فعل أو عمل
يقوم به أحدنا هو عصارة فكره ومجهوده وماله وكل شيئ ، لكنه يُجبر على التوقف لسبب
أو أخر عاده ما يتعلق بنقص أحد العوامل .. حتى لو كان هذذا العامل هو الدعم النفسي
فنُجبر على التوقف دون عودة لآنه مع كل توقف تتضح
أمور كثير ونفقد جزء مننا ، من شبابنا وطموحنا وإنسانيتنا
كلنا مُجبرون ولسنا مُخيرون
جميعنا مجبرون على كل تفصيله من تفاصيل
الحياه ، يكن إجبارنا من خلال وضع إختيارات محدودة شبه معدومة لاقيمة لها ، غير
تلك التى نريدها
نحن مجبرون على الاحتياج ، الحزن ، الغضب ، العجز .. والصمت
هو يولد..ثم لانعلمه
فيصبح جاهل..ثم نعامله بتكبر فيصبح منبوذ..ثم نهينه فيصبح عدواني..ثم نطالب بحبسه
واعدامه لانه خطر على المجتمع..!!
كل إنسان لديه ضريبه لابد وان يقدمها تجاه
مجتمعه .. لماذا يجبرنا مجتمعنا ان نقدم له ضريبه تضره بد من أن يستغل طاقاتنا ؟!
لا أعرف إن كان جيلنا "منحوس" ، أم
أن المقدرات العالمية أجبرتنا على أن نُصبح مُجبريين ، لا أعرف كيف سنخرج من
إجبارنا المستمر.. لكن، لا تحاول إقناعى بأن الانسان مُخير فى أيا من جوانب حياته
.. على الآقل فى بلادى
هناك تعليق واحد:
مش بس جيل العشرينيات... أنا في الثلاثينيات دلوقتي برضه على فكرة ونفس المعاناة!
المقال طويل ورائع ويظهر بين سطوره إحباطاً شديداً...
لكن هو في مجمله رائع ويعبر عن حالة واقعية عامة منتشرة.
استمري... :)
إرسال تعليق