فى الدول العظمى
نجد القضاء هو الملاذ لكل مظلوم ، فالقاضى
حين يجلس على مقعده لا يري سوى القانون أمامه ليطبقه بحذافيره دون وضع أى إعتبارات
سياسية، لذا كانت صورة العدالة دائماً معصوبة العينين ..
والحقيقة أن القضاء المصرى طوال فترة
وجوده حاول الحفاظ على هويته وإستقلاله حتى قرر السادات إقحامه فى اللعبة السياسية
بكل ما تحمله من قذارة ، وذلك حين إكتشف أن القضاء لا يساير النظام فى توجهاته
خاصة بعد إنتفاضة يناير 77 والتى أكد فيها القضاء مسئولية الحكومة وقراراتها
الإقتصادية فى إنداع أحداث الإنتفاضة ، فجائت محاولات السيطرة على مؤسسات القضاء
عن طريق السماح لضباط الشرطة والعسكريون بكل ما يحملون من أساليب غير أدمية وظلم
للمواطنين بالإلتحاق بسلك النيابة العامة
تمهيداً للوصول لسدة القضاء ، ما ترتب عليه أن أصبح نصف عدد العاملين بهذه المؤسسة
العريقة هم ذوى الطابع الشرطى و العسكرى ، وقبل الحكم العسكري كان معظم القضاه من
طائفة البشوات فقط وأكمل مبارك محاولات السادات فى تحويل المؤسسة القضائية الى
هيئة تابعه له فقام بتوريط بعض أعضاء المؤسسة القضائية فى ممارسات غير قانونية من
الوساطة والمحسوبية لتعيين أبنائهم وأبناء رجال المال والأعمال والسلطة الحاكمة و
إهدار حق من هم أكثر جدارة فى التعيين
كانت تلك المحاولات ممنهجة للغاية من
أجل الإستحواذ على أوراق التأثير المباشر والغير مباشر على أعضاء الهيئة القضائية
وجعل القضاء جهه قابلة للإبتزاز من قبل السلطة الحاكمة وأعضائها سواء فى قضايا تمس
تلك القيادات أو رغبة الحكومة فى توجيه بعض الأحكام بما يخدم مصالحا السياسية ..
وبالرغم من كل تلك المحاولات ظل
التيار الرئيسي للهيئة القضائية المصرية يحاول مستميتاً فى الحفاظ على هويته
وإستقلاليته وهو ما ظهر فى إنتفاضة القضاة 2005 وحركة 14مارس التى طالبت بإصدار
قانون إستقلال القضاء والتمكين من الاشراف الكامل على كافة الإنتخابات ، فكانت
شرارة الثورة الأولي وغيرها من مطالب الإصلاح التى نادى بها الشعب مراراً ..
والآن .. وبعد ثورة يناير التى أخرجت
الفئران من جحورها تنبح كالكلاب الضالة .. وبعد أن تولت جماعة الإخوان المنافقين
مقاليد الحكم نجد النظام الحاكم الجديد يعلن نيته في تطهير القضاء فيرسل المرتزقه
للإعتداء على القضاة أمام ناديهم قاصدين إرهابهم ، ويقيل النائب العام بشكل مخالف
للدستور والقانون ويعيين نائب جديد يتماشي مع فكر السلطان! ، ويضع قرارات متضاربة تؤدى
لإضراب القضاه(الشرفاء)عن ممارسة أعمالهم ، و نجد حصاراً لدار القضاء العالى مما
يمنع المحامين والقضاه من ممارسة أعمالهم .. والمثير للإشمئزاز أننا نجد مطالبات
من أنصار الشيخ حازم أبو إسماعيل بتعيينه كـ نائب عام (محامى للشعب)!!
من الرائع أن يتم تطهير القضاء ولكن
،، أهذا هو التطهير؟ أن نستبدل من ليسو علي هوانا بمن يسايرون أفكارنا ؟ ..
أن يستقبل
الرئيس "رئيس لسلطة التنفيذية" القضاه في قصره مراراً دون أسباب واضحه
وهو أحد المدٌعين عليه ؟ ..
من أي شيئ سيطهر
مرسي القضاء ؟ من أحكام لا تناسبه فكرياً ، أم من أحكام مستقبليه
يأباها ؟ أم من أحكام ماضية يريد إعادة لنظر فيها؟
وعن أي قضاه يتحدث؟ عن المستشار أحمد مكي
ونهي الزيني والبسطويسي أم الزند وعبد المجيد محمود؟
هل يتحدث عن أؤلئك المتأمرون
علي حرية الشعب المصري والفاسدون حقاً .. أم عن الوطنيون ذوي الرؤي الواضحة
والمناهضين لكل أشكال الظلم؟ " أو بمعني أصح المناهضين للإخوان
وحكمهم والرافضين له" ، أم عمن رفضو تقييد صلاحيتهم
في الدستور الجديد ؟ ..
ولنفترض حسن النوايا .. كيف سيحاسب
أحدهما دون الآخر والقضاء في مصر ملتبس ككل شيئ ومتشابكة علاقاته
فتطهير القضاء الذي يتحدثون
عنه لم نجد منه سوي تعطيل للأعمال والمصالح دون النظر في كيفية
تعيين وكلاء النيابات أو الترقيات مثلا أو حتي
توريث الوظيفه كما بات واضحاً ، لم نجد تطهيراً يهدف
لتغيير المستشارين المسئوليين عن القضايا
السياسيه الحساسة بآخريين قادريين علي
فك شفرات تلك القضايا ، لم نسمع عن دورات تدريبيه أو شهادات
دراسات عليا لأعضاء النيابة أو أي تثقيف يزيل
من وعيهم ثقافة الرشوة والمحسوبيه التي تم تعينهم بها
، لم تختلف صورة وكيل النيابة المهتم بمظهره ومنصبه فقط بدلا من أن يدافع
بحق عن شعبه "موكليه" ..
لم نجد في اساليبهم لتطهير
القضاء إلتفاتاً لتوصيات القضاه أنفسهم والتي منها ألا يتعين في
النيابة العامة أيضاً إلا كل من أمضى 10 سنوات من الخبرة القانونية في مجال
المحاماة بالإضافة أيضاً إلى خبراته العلمية ، وفتح ملف تعيينات أبناء القضاة
وينظر في تقديراتهم ومن يتبين أنه قد تعين نتيجة تدخل الواسطة أو الرشوة أو
المحسوبية أن يتم فصله فوراً وإحالة من قام بتعيينه إلى المحاكم ، كما طالبوا
بضرورة تعديل القوانين التي تمييز القضاة وتجعلهم فئة فوق البشر، وأولها قوانين
المرور، وعلى القاضي الذي يخالف القانون أن يعاقب أو يحاكم مثله مثل باقي
المواطنين. فضلا عن فتح ملفات تزوير الانتخابات وتقديم القضاة المشاركين في
التزوير إلى المحاكمات دون أي تمييز فهم مساهمون في الجريمة، وبنص القانون يجب أن
يحاسبوا ... وغيرها .. فإذا كننا نريد تطهير حقيقي للقضء كان لابد من الإستماع في
المقام الآول إلي أراء القضاه أنفسهم لا أن نرهبهم أمام ناديهم ومحاكمهم ..
في الحقيقه لا أري
تطهيراً للقضاء بل تصفية لبعض المختلفين معهم .. ما نراه الآن هو تدمير
لمؤسسة قضائيه قائمه بذاتها ، فاسده بالفعل وتحتاج تطهير بالفعل ، لكنها تحتاج
تطهير حقيقي وليس تطهير شكلي و إرهاب فكري ،،
إلى متى ستظل المؤسسة القضائية
العريقة رهن تحجر عقلية السلطة الحاكمة وسجينة الاحداث السياسية ؟
متى سنعلن الإستقلال الحقيقي للقضاء ليكن
بالفعل ملاذنا من كل ظالم؟
متي ستصبح حرية الرأي
بعيدة عن الارهاب الفكري المتعمد ؟
لا أعلم .. ولكن أتمني وضع سياسات فعلية
تحقق تطهيرحقيقي للقضاء وتوفر له بيئه نظيفة يستطيع تحقيق العدالة فيها
وإلا.. سيمتد الفسد الذي إنتشر في عصر
مبارك إلي عصر مرسي ويزيد من توغله غير آبه
لآي سلطة إن كانت.
تطهير القضاء يا سادة لا يكون إلا بالإستقلال
التـــــــــام
هناك تعليق واحد:
كالعادة عجبني جدا إنك جيبتي الجذور التاريخية للموضوع
وزي كل حاجة اتلخبطت بعد الثورة وبتنقلب من النقيض للنقيض في غمضة عين برضة موضوع تطهير القضاء حصله كدة
وربنا يسترهها علينا بقى D:
بالتوفيق دايما
إرسال تعليق