المراهقة
الثورية .. هذا التعبير الذى إبتكره فلاديمير لينين وكأنه كان يصف حال الثوار عندما تأخذهم الأحلام
أبعد بكثير من أرض الواقع
أبعد لدرجة تجعل من طموحاتهم مجرد أفكار مراهقه وغير واقعية لا جدوى منها بل وتتغير
وتنضج عبر الزمن..
هذه المراهقه يمكن أن تنشأ لعده أسباب تختلف بإختلاف
الموقف والسن والمكانه فى الوسط السياسي
وعوامل أخرى كثيرة ..
أهم فئتين من المراهقون الثوريون هم هؤلاء الشباب الذين
وجدو الثورة قد حدثت إذ فجأه دون سابق إنذار وشعروا بوجوب نزولهم الى الميدان
مدافعين عن ثورة شعروا أنها ملكهم رغم إنهم لم يكونو يوماً سبباً فيها .. فما كان
منهم إلا أن وجدوا أنفسهم داخل الميدان وإنتابتهم مشاعر المراهقة الثورية فقرروا
الإستمرار فى التظاهر والإعتصام بعد الثورة لأى سبب ومع أى جهه أيا كانت ..
أو أؤلئك الذين كانو سبباً فى قيام الثورة بتمردهم
المستمر قبل وبعد الثورة وبقرائاتهم التى رأو فيها أنها ملاذا لما هم فيه من فساد
الدولة ، فإنجرفو فى محاولة منهم لتطبيق ما قرأوه بالحرف دون مراعاه للظرف المادى
والتاريخي ، دون مراعاة للمجتمع الذى يعيشون فيه بكل ما فيه من أفكار ، دون مراعاة
لنخب سياسية لاقيمة فعلية لها ، دون مراعاة لثورة قد قامت بدون قاده .. أؤلئك
الذين يدعون لثورة دوماً دون مراعاه لأى شيئ ،، وللأسف هم دائماً على إستعداد للتظاهر
مع أى جهه أو حزب أو جماعة طالما أنهم يشبعون رغبتهم التى لا تنتهى فى التظاهر
هؤلاء المراهقون الثوريون بكل أشكالهم وإختلاف خلفياتهم
الفكرية والثورية والثقافية والإجتماعية يتفقون فى نقطة واحده وهى حق التظاهر
والإعتصام .. ولكن للأسف يستخدمونه بطريقة
مبالغ فيها .. فعدم واقعيتهم وإلتفاتهم لمشكلات المصالح الخاصة وإستغلال الأخر لهم
هو ما يمثل أزمتهم الأساسية ..
فهم لا يفرقون بين التظاهر من أجل الحق فعلاً والتظاهر
الممزوج بالمصالح والأهواء الشخصية .
لا يفرقون بين الإعتصام السلمى المدعوم بقوة شعبية
حقيقية والإعتصام المدعوم من قله تعشق السلطة أو غير المدعوم بقوة مؤثرة .
لا يميزون بين المطالب الديمقراطية التى يمكن تنفيذها
بالضغط الشعبي والتى تؤدى لصلاح الوطن والمطالب الديمقراطية أيضاً والتى لا تؤدى
لأى صلاح فى الوقت الراهن رغم ديمقراطيتها و مشروعية المطالبة بها .
هناك مشكلات عديدة فى شخصيه المراهقون الثوريون أهمها :
أنهم دائماً ما
يُخوِنون الأخر ويعتبرون أنه لاقيمه له ، مصممون جداً على أرائهم ، ولا يرون سوى
أنفسهم على الساحة السياسية مما يزيدهم غروراً وتكبراً على الجميع بمن فيهم
"الطبقات البسيطة" التى يدافعون عنها فى الآصل .
أنهم لا يمثلون حزباً سياسياً متماسكاً أو جبهه يمكن
الإعتماد عليها فى تكوين جبهه مقابلة وبديل لقيادات الدولة الفاسده ، والمشكلة
الأكبر أن فئة منهم غير مهتمين أبدا بصنع بديل لقيادات الدولة والفئة الأخرى تود
أن تنصب نفسها بديلاً دون إذن من أحد.
أنهم دائماً ما يرون فى الأحزاب الدينية قوتها وغلبتها
فى الشارع مما يجعلهم يتعاونون معها بمبدأ " مع الإسلاميين أحيانا ضد الدولة
دائما" هذا المبدأ الذى لا أعتبره مبدأ أبداً خصوصاً فى وجود جماعات إسلامية
لا تعمل سوى لمصلحتها الخاصة
أنهم يحملون شعارات
و هتافات أكبر منهم بكثير ، أكبر منهم لدرجة تجعلهم صغاراً جداً عند فشلهم
فى تنفيذها .
رسالتى للمراهقون الثوريون :
المراهق الثورى هو كل إنسان متمرد ، لايري سوى نفسه ،
خبرته العملية محدودة ، حاد المشاعر ، صغير
العقل ، ضيق الأفق ، شديد الحماس لأفكاره لا يرى غيرها حتى يكتشف أنها كانت مجرد
دخان في ! .. لاتكونو مراهقين
الثورة مستمرة ويدى بيدكم ولكن ..
كونو أكثر هدوءاً و واقعية ، كونو بحجم المسئولية
كفانا إستهانة وإستخفافاً بعقول بعضنا البعض ، فكلاً
مننا يعمل من أجل وطنه بشكل أو بأخر .
كونو بحجم ما تحملون من شعارات ولا تتهاونو فى تنفيذها
.. وإلا فلا فائده من تبنى هذه الأفكار أصلاً .
فكروا بعقولكم أنتم ولاتجعلو أى جهه تحرككم ، ولا تتعانو
مع من خانكم وباع دمائكم أبداً وإلا ستندمون كثيراً
إجتمعو على هدف واحد ، إجتمعو على تكوين قيادات نستطيع
من خلالها إستبدال القيادات الفاسدة بسهولة .
إمنعو إستغلال الجماعات الإسلامية التى ترفض الصدام مع
السلطة فى إستخدامكم للضغط على السلطات ..
وأخيراً : إعلموا أن كل القيادات التى تنادى بمدنية
الدولة لديها جواز سفر جاهز لأى دولة فى أى وقت ، ولن يفكر فيك أحدهم إذا سيطرت
الدولة الدينية ، لذلك فكن على ثقه أن مصر بلدك أنت .. ليست بلد قياداتك السخيفة
..
و أذكركم بتعريف اينشتين للغباء : "هو تكرار نفس التجربة فى نفس
الظروف مع انتظار نتائج مختلفة"
فلا تكررو أخطائكم و تعلمو منها رجاءاً
فلتكن الثورة .. لكن بعقل ثائر حق
فلنكمل ثورتنا .. مع من يساندنا لا من يستغلنا