حين تميز الإنسان عن سائر المخلوقات بالعقل
لم يكن أبدا المقصود هو العقل المستعار الذى لا فائده منه إنما المقصود هو العقل
المفكر المبدع المبتكر ، فهوية الفرد تتمثل فى أفكارة ، وأفكارة دليلأ على قوة
وسلامة عقله ، فعقل الإنسان يحمل الكثير من الخبرات والتجارب التى تجعل منه قوة لا
يستهان بها ،،
نعلم أن العقول الكبيرة تناقش الأفكار
والعقول المتوسطة تناقش الأحداث والعقول الصغيرة تناقش الأفراد ، أما العقول
المستعاره فتلك هى أزمتنا الحقيقية إنها عقول لا تناقش فقط تنقل الأفكار والأحداث
والآراء من عقل لآخر وهذا لا ينم عن قصور بهذه العقول وإنما هى حاله من التعود
المجتمى الذى يتم تربية الطفل عليه ، ففى مجتمعاتنا المتخلفه يتم تربيه الطفل منذ
نشأته على السمع والطاعة لأوامر الكبير بعيداً عن العلم والتفكير ، يتم تربيته على
الإستعانة بعقول أخرى وإستعارتها بدلاً من إبداع الأفكار وتصديرها مما يجعل مننا
شعوباً تسير وراء أى قطيع ليس المهم نوع أفكاره فالأهم عدده وقوته الملموسة ..
العقل المستعار هو عقل مبتدئ يمثل حالات وجدانية وسلوكية ومشاعر ، فيه الأفكار التى ينقلها عن أصحابها ليست منطقية أو مبنية على أساس علمى ، أحياناً يقتنع بها لذلك ينشرها وأحيان أخرى تستقر داخل الجمجمة دون إقتناع أو حتى تفكير ولو للحظات فيها لتخرج فى وقت لاحق بأى شكل كان حتى لو كان شكلاً من أشكال العنف المجتمعى
العقل المستعار لا يأبة للإختلاف الطبيعي بين
البشر وأفكارهم ومعتقداتهم ، فقط يقتنع بنفسه ورأيه دون غيره ويستطيع أن يروى
الأدلة ويصدق الشائعات التى تقوى وتثبت حجته الغير منطقية فى الأصل "مثل
المثال القائل : يكدب الكدبة ويصدقها "
العقل المستعار لا يتطور ،فالعقل السليم عادة
ما يمر بعدة مراحل متتالية يتطور فيها النشاط العقلى من النقل إلى التفكير والتدبر
الذى بدورة يؤدى للإقتناع بنظرة فلسفية تلزمه للأبد ويضع رؤية وهدف لحياته ومن ثم
يصل لمرحله الإبداع لتكون المواقف متسقه مع الأفكار والفلسفات التى يستفيد منها
العقول الأخرى وتنقلها
العقل المستعار يصنعه الأخرون ويتلقاه صاحبه راضياً
به أو مرغماً عليه ليس عقلاً صنع نفسه بنفسه فيرضى عنه ويتحمل تبعات أفكاره ،
يعتمد إعتماده الكلى على عقله الباطن ليصبح فيه الإنسان مسيراً من غريزته لا من
عقله الواعى
العقل المستعار هو عقل لكثير من المصريين ،
عقل غير مبنى على قواعد علمية سليمة أو حتى مشاعر وحالات وجدانية وسلوكية وبالطبع
غير مبنى على أفكار ذهنيه تربط التصورات العقلية بعضها ببعض إنما هو مبنى على مبدأ
"قيل وقال" وهذا ما لا نريده ..
العقل المطلوب هو العقل المفكر المحلل الذى يربط
الأحداث والتصورات ببعضها وينسج الأحداث ليكون لصاحبها موقف محدد من الكون والحياة
والإنسان بعيداً عن الفزع والخوف والتردد ..
مطلوب عقل جرئ لا يهاب الكثرة العددية ، فقط
يضع حسابات منطقية
العقل المطلوب هو العقل الواعى بالإختلاف بين
البشر ، هو العقل المتطور دائماً ، هو العقل الذى يصنع نفسه بنفسه بناء على قرائه
وتحليل وتفسير ..
مطلوب عقل يفصل بين الواقع الفعلى والإشاعات
المغرض ، فـ إذا لم يكن لك هدفاً ستكن هدفاً للأخرين
.. أترك لكم قصه رواها المؤرخ العظيم عبد
الرحمن الجبرتى والتى توضح أن البلاهة وخلط الدين بالخرافة والدجل والسياسة داء أصيل
فينا .. فى عقولنا المستعارة ....
انه في يوم الأربعاء الرابع والعشرين من ذي الحجة
عام 1147 أشيع في كل أرجاء مصر من أقصاها إلي أقصاها وبسرعة البرق ان القيامة
ستقوم يوم الجمعة 26 من ذي الحجة وودع الناس بعضهم ويقول الرجل لرفيقه: بقي من
عمرنا يومان.. "تعال نعمل حظ" ونودع
الدنيا.. وطلع أهل الجيزة نساء ورجالا وصاروا يغتسلون في البحر.. ومن الناس من
علاه الحزن.. ومنهم من صار يكثر من التوبة والصلاة.. وكل من يقول لهم انهم وقعوا
في الوهم يعنفونه وربما يضربونه ويتهمونه بالكفر.. وكثر الهرج والمرج إلي يوم
الجمعة المذكور وأصبح يوم السبت ولم تقم القيامة.. وعندما قال لهم غير المصدقين
للدجل: "جالكم كلامنا".. قالوا.. الحمد لله.. لقد كانت القيامة ستقوم
ولكن تشفع لنا سيدي أحمد البدوي وسيدي إبراهيم الدسوقي وسيدنا الإمام الشافعي وقبل
الله شفاعتهم وتأجلت القيامة ببركاتهم.. وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا
حملة التدوين اليومي 5
هناك تعليقان (2):
يقول منتسكيو في كتابه روح القوانين :
إنه لأمر قليل الأهمية غالبا-في أمة حرة- مسألة ما إذا كان تفكير الأفراد جيدا أو رديئا،إذ يكفي أنهم يعقلون و يفكرون و من هنا تنشأ الحرية التي تضمن نتاج هذا التفكير..و أستطرد ان هذا يكون ضار و مؤذ جدا الى اقصى حد في حكومة أو مسئول..
..ربما نحن فعلا في حاجة للعقل المفكر الذي لا يقبل بدون فهم و لا يرفض بدون سبب،و المهم ان يكون عقل حر من أي تأثر بعاطفة او حادثة أو أهواء..
أحييكي على هذه المقالة الرائعة..تحياتي
مقاله رائعه .. تحياتى
إرسال تعليق