دعونا نتفق أن الطالب الجامعى هو جزء أصيل من المجتمع فما يميز الجامعه أنها تشمل كل أطياف المجتمع بكل البيئات و المستويات مهما حاولت التكلف و إخفاء حقيقتها .. فالطالب نتاج بيئه إجتماعيه تمتلك وعى محدود بحدود و أسقف ألزمه بها المجتمع -حدود اجتماعيه و دينيه و ثقافيه و اقتصاديه و غيرها-
فى ظل هذه الحدود كان من الطبيعي جدا إنحدار مستوى الوعى و النشاط السياسي داخل الجامعه بل و إنحدار وإختفاء النشاط الطلابي ككل بكل ما يشمل من أنشطه
فكان وجود بعض الشباب داخل الجامعه يطالبون بالتغيير يعتبر أمر مثير و جرئ و احيانا غباء و جهل .. و وجود طلاب يعترضون على فساد أحد الآنشطه كالجواله و المسرح هو أمر غير مقبول و لا يمر مرور الكرام .. و وجود طلاب يعترضون على فساد اتحاد الطلاب هو أمر يدل على سذاجتهم لانهم لا يعرفون كم المصالح التى تجري خلف هذه الانتخابات.. الخ!!
هذا الأمر الذى إختلف بعد ثورة يناير - تلك الثورة التى حركت مشاعر المصريين ككل- مما إنعكس بدورة على طلاب الجامعات و جعل منهم مناضلين ذوى خبره استمرت لـ18 يوماٌ كامله و شكل جيل لا يعلم شيئا عن الايديولوجيات لكنه يود خوض التجربه السياسيه بعدما انتهت ضغوط الخوف .. شباب يبحثون عن طريق جديد يستطيعون به بناء شخصيتهم فيبحثون عما يقرأون و يشاهدون البرامج الحواريه و السياسيه ويحضرون الندوات الثقافيه بل و يعدونها بأنفسهم يستضيفو شخصيات ممنوعه من دخول الحرم الجامعى .. و غيره .. ليلعبو بذلك دروا رائعا فى الاصرار على رحيل رؤساء الجامعات و اعتبارهم جزء من النظام الفاسد بل و محاوله منع مهزله اتحاد الطلبه المتكرره
بالفعل كسرت القيود المسيطره على الحريه السياسيه داخل الجامعه .. لكن لم نستفيد منها كثيراٌ .. فسرعان ما طغت أخلاقيات و ثقافه المجتمع على طلاب الجامعه و عادو ليمارسو حياتهم الطبيعيه التى لم يتعلمو غيرها .. لم يتناسو قضيتهم الجديده (السياسه) لكن إعتبروها جزءاٌ بسيطا من حياتهم لا عائد منه .. عادو ليبحثو عن مصالح شخصيه داخل اتحاد الطلبه أو يمثلون صراعات جبهويه بين التيارات السياسيه داخل الجامعه أو تنازلو عن القضيه لما رأوة من صعوبات أو فضلو حياتهم "المهيسه" أكثر من العمل العام
لم يتعلمو الدرس جيدا .. لم يعرفو معنى كون السياسه جزء أصيل من حياتهم .. لم يفهمو أن السياسه هى لقمه العيش هى العمل الذى يبحثون عنه .. لم يعرفو قصص من سبقوهم فى العمل السياسي الجامعى والمصاعب التى واجهوها .. لم يعرفو أن "معاكسه البنات فى الجامعه " ما هى إلا جزء غرسه فيهم النظام السابق .. لم يعوا أن الثورة ما زالت فى أوجها .. لم يتعلمو أن السياسه ليست ترفا أو إحدي الكماليات ....
قامو بوضع كل التيارات السياسيه فى كف واحد هى نفس الكف التى صنعها لهم النظام السابق لكى لا يروا فيها سوى تيارات فاسده و هزيله .. بالفعل هى كف ساعدت فى صنعها التيارات نفسها ..لكنهم تناسو أن هذه التيارات تعبر عن مبدأ لا بد أن يتمسكو به أياٌ كان إتجاهه
لم يتحرر الطلاب بعد من سياسه المجتمع المغروزه داخلهم .. لم يعملو بالسياسه بعد رغم محاولاتهم ..
أي منطق هذا وأي مصلحة تقتضي ذلك ، فإذا كان شباب الجامعه (عماد المجتمع ) يقضون اهم فترات تكون شخصيتهم بدون أي احتكاك مع الواقع المصري فماذا ننتظر منهم سوي مزيد من اللامبالاة تجاه وطنهم ومزيد من الجهل السياسي
إعتقدت للحظات أن الثورة بعده ايام قد تمحى ما زرعه المجتمع بسنوات .. إعتقدت أنها قد تؤثر عليهم و تصنع منهم أناس أخرين أكثر مسئوليه و وعي و إدراك .. تمنيت |ان أرى نشاط جامعى حقيقي
لا ألوم عليهم - ولا ألوم على المجتمع - ففاقد الشيئ لا يعطيه ..
لكن ألوم على اؤلئك من يدعون بالنخبه و القوى السياسيه و البرامج الهزليه و كل مشكلات المجتمع الثقافيه التى لم نتخلص منها حتى الآن..
فبدلا من أن يعلمونا إلي أي إتجاه نميل إلي الاشتراكية أم الرأسمالية ، إلي الناصرية أم الليبرالية لابد أن يعلمونا معنى الإراده و معنى السياسه الحقيقه و المبادئ التى هى فى الاصل جزء بداخلنا فنستطيع أن نواجه مشكلات بلادنا عن علم ومعرفه لا ضغط و استقطاب و غيره
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق